مقدمة 3-جثث ومنازل منهوبة.. دروز سوريون يلملمون جراحهم في السويداء

مقدمة على قصة نشرت أمس لإضافة تصريح وزير الإعلام السوري لرويترز وتحديث عدد القتلى

- رجل مسن ثقبت رأسه رصاصة وهو في غرفة المعيشة، وآخر تسللت إليه رصاصة في غرفة نومه. جثة لامرأة في شارع. كلها مشاهد دموية لما بعد إراقة الدماء على مدى أيام في مدينة السويداء السورية التي يقطنها الدروز.

بدأ الناجون أمس الخميس في جمع ودفن عشرات الجثث التي عثر عليها بمختلف أنحاء المدينة.

ووضع وقف لإطلاق النار مساء الأربعاء نهاية لاشتباكات العنيفة بين مسلحين دروز وقوات حكومية وصلت إلى المدينة لفض اشتباكات بين الدروز ومسلحين من البدو.

وتفاقمت أعمال العنف بشدة بعد وصول القوات الحكومية وفقا لروايات أدلى بها أكثر من 10 من سكان السويداء لرويترز واثنين من المراسلين على الأرض وجماعة مراقبة.

ورأى سكان أصدقاء وجيرانا يُقتلون رميا بالرصاص من مسافة قريبة في منازلهم أو في الشوارع. وقالوا إن عمليات القتل تلك نفذتها قوات سورية تعرفوا عليها من الزي والشارة.

تمكنت رويترز من التحقق من وقت ومكان بعض مقاطع الفيديو التي تظهر فيها الجثث لكنها لم تتمكن من التحقق بشكل مستقل ممن نفذ القتل ولا متى وقع.

وقال وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى في تصريحات لرويترز بعد نشر هذا التقرير إن السلطات "على علم بالتقارير المتعلقة بانتهاكات خطيرة خلال الأحداث الأخيرة في السويداء، ومنها أعمال ربما تمثل أعمالا وحشية وتحريضا طائفيا".

وأضاف المصطفى "تندد الحكومة السورية بشدة بجميع هذه الأعمال وتؤكد رفضها المطلق للعنف الطائفي بجميع أشكاله".

وتابع قائلا إن السلطات السورية لم تتمكن من إجراء تحقيقات حتى الآن بسبب إعادة انتشار قواتها بعد وساطة دولية لتأمين وقف إطلاق النار.

وقال سكان في السويداء تحدثت معهم رويترز إن إراقة الدماء عمقت شكوكهم في حكومة دمشق التي يقودها إسلاميون وزادت مخاوفهم بشأن كيف سيضمن الشرع حماية الأقليات.

وفي أعمال عنف طائفية بمنطقة الساحل السوري في مارس آذار، قتل المئات من العلويين على يد قوات موالية للشرع.

وقال كنان عزام، وهو طبيب أسنان يعيش في الضواحي الشرقية للسويداء، لرويترز عبر الهاتف إنه لا يستطيع ملاحقة الاتصالات التي تبلّغ عن قتلى مشيرا إلى أنه علم للتو بمقتل أحد أصدقائه وهو مهندس زراعي يدعى أنيس ناصر قال إن قوات حكومية اقتادته من بيته هذا الأسبوع.

وأضاف أنهم عثروا اليوم على جثته في وسط كومة من الجثث في مدينة السويداء.

ونشر عامر، وهو ساكن آخر طلب عدم ذكر اسمه الكامل خوفا من الانتقام، مقطع فيديو قال إنه يصور جيرانه المقتولين في منزلهم.

ولم يتسن لرويترز التحقق بشكل مستقل من المقطع. وتُظهر اللقطات جثة رجل على مقعد. وتُظهر أيضا جثة على الأرض لمسن مصاب بجرح من أثر رصاصة في صدغه الأيمن ورجلا أصغر سنا وجه للأرض غارق وسط بركة من الدماء.

ومثل باقي أعمال القتل في المدينة، لم تتمكن رويترز من التحقق من هوية المسؤولين عن تلك الجرائم.

ولم يرد متحدثون من وزارتي الداخلية والدفاع بعد على أسئلة من رويترز عما إذا كانت قوات حكومية ضالعة أو مسؤولة عن أعمال القتل التي حدثت في المنازل والشوارع.

وفي بيان عبر الفيديو في وقت مبكر من صباح أمس الخميس، قال الرئيس السوري أحمد الشرع إن حماية الدروز وحقوقهم "من أولوياتنا" وألقى بمسؤولية أي جرائم ارتُكبت ضد المدنيين على جماعات خارجة على القانون تسعى لتأجيج التوتر. وخاطب الدروز قائلا لهم "نرفض أي مسعى يهدف لجركم إلى طرف خارجي".

كما تعهد بمحاسبة المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات بحق الدروز لكنه لم يفصح عما إذا كانت قوات حكومية ضالعة في الأمر.

وقال بيان أصدرته الحكومة يوم الأربعاء بشأن وقف لإطلاق النار في المنطقة إن بعثة لتقصي الحقائق ستحقق في الجرائم والانتهاكات والمخالفات التي وقعت وتحدد المسؤولين عنها وتعوض المتضررين في أسرع وقت ممكن.

وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وهي جماعة معنية بمراقبة الحقوق ووثقت انتهاكات خلال الحرب الأهلية وواصلت النشاط بعد الحرب، إنها تحققت من مقتل 321 في السويداء بما شمل أفرادا من طواقم طبية ونساء وأطفال.

وقال فضل عبد الغني مدير الشبكة إن هذا العدد يشمل عمليات إعدام ميدانية نفذها الطرفان وسوريين قتلوا في غارات إسرائيلية وآخرين قتلوا في اشتباكات، لكنه أشار إلى أن مسألة تفصيل الأعداد التي قتلت في وقائع مختلفة سيستغرق وقتا.

وأضاف عبد الغني أن الشبكة وثقت أيضا حالات إعدام ميدانية نفذها مسلحون من الدروز لأفراد من قوات الحكومة.

ولم تعلن الحكومة عدد القتلى من قواتها ومن المدنيين في السويداء.

وقالت وزارة الصحة إن المستشفى الرئيسي للمدينة عثر فيه على عشرات الجثث لأفراد من قوات الأمن والمدنيين لكنها لم تفصح عن عدد محدد ولم تدل بمزيد من التفاصيل.


* إطلاق نار من مسافة قريبة

الدروز في سوريا جزء من أقلية تضم أيضا أفرادا في لبنان وإسرائيل وهضبة الجولان المحتلة.

وتعتبر الجماعات السنية المتشددة، ومنها تنظيم الدولة الإسلامية، الدروز زنادقة، وهاجمتهم على مدى الصراع السوري الذي اندلع في 2011.

وكانت جماعات مسلحة درزية تقاوم، ونجت السويداء إلى حد كبير من العنف الذي اجتاح سوريا. وانتهت الحرب التي استمرت 14 عاما بالإطاحة بالرئيس بشار الأسد في ديسمبر كانون الأول الماضي.

وعندما بدأت قوات الشرع شق طريقها من شمال غرب سوريا إلى دمشق العام الماضي، كان هناك خوف لدى كثير من الأقليات، وشعرت بالارتياح عندما تجاوز المقاتلون بلداتها وتوجهوا مباشرة إلى العاصمة.

وقال مراسل في السويداء، طلب عدم الكشف عن هويته، إنه شاهد القوات الحكومية تطلق النار على أربعة أشخاص من مسافة قريبة، بينهم امرأة وصبية.

وأضاف أن الجثث كانت متناثرة في الشوارع.

قال إن إحداهن، وهي لامرأة، كانت ملقاة على الرصيف ووجهها للأعلى، ويبدو أنها مصابة بطعنة في البطن.

وأطلع أحد السكان، طلب عدم الكشف عن هويته، المراسل على جثة شقيقه المقتول في غرفة نوم بمنزلهم يوم الثلاثاء. وكان قد أصيب برصاصة في الرأس.

وأظهر مقطع فيديو تحققت منه رويترز جثتين في شارع تجاري بوسط السويداء. وأظهر مقطع آخر جثثا، كثير منها مصابة بطلقات نارية في الصدر، في دار ضيافة آل رضوان بالسويداء.

وقال ريان معروف، من قناة السويداء 24 الإعلامية المحلية، لرويترز أمس إنه عثر على عائلة مكونة من 12 فردا مقتولين في منزل واحد، بينهم نساء عاريات ورجل مسن وفتاتان صغيرتان.

ولم يتسن التحقق من هوية القاتلين في هذه الحالات.


* نهب المنازل

قال المراسل إنه سمع أفراد القوات الحكومية يصرخون "خنازير" و"كفار" على سكان دروز.

وقال المراسل إن القوات نهبت ثلاجات وألواحا شمسية من منازل، وأحرقت منازل ومحلات خمور، حتى بعد إعلان وقف إطلاق النار يوم الأربعاء.

وقال بعض السكان الذين أجرت معهم رويترز مقابلات إن القوات الحكومية استخدمت شفرات حلاقة ومقصات وماكينات حلاقة كهربائية لحلاقة شوارب رجال من الدروز، وهو تصرف مهين.

ولم يرد متحدثون باسم وزارتي الداخلية والدفاع بعد على أسئلة بشأن قيام القوات بنهب المنازل أو حرقها أو استخدام لغة طائفية أو حلق الشوارب.

ومع تصاعد أعمال العنف، بدأ الجيش الإسرائيلي شن غارات على قوات حكومية في السويداء وعلى وزارة الدفاع وبالقرب من القصر الرئاسي في دمشق.

وساعد التدخل الأمريكي في إنهاء القتال. وقال وزير الخارجية ماركو روبيو إن "الخصومة التاريخية الطويلة الأمد" بين الدروز والبدو "أدت إلى وضع مؤسف وسوء فهم، على ما يبدو، بين الجانبين الإسرائيلي والسوري".




(إعداد سلمى نجم ومحمود سلامة ومحمد علي فرج للنشرة العربية - تحرير أيمن سعد مسلم)

سيتم الرد على كل الأسئلة التي سألتها
امسح رمز الاستجابة السريعة للاتصال بنا
whatsapp
يمكنك التواصل معنا أيضا من خلال