مقدمة 1-بعدما فقدوا أطرافهم وذويهم.. أطفال من غزة يبدأون رحلة علاج في لبنان

لإضافة تفاصيل عن برنامج الإجلاء وتعليق من طبيب

من جنى شقير

- لا يزال عمر أبو كويك ذو الستة أعوام يعتقد أن يده المبتورة ستنمو من جديد في عيد ميلاده المقبل.

هو واحد من بين آلاف الأطفال الفلسطينيين الذين فقدوا أطرافهم وأحباءهم في حرب إسرائيل على قطاع غزة.

يقول عمر لعمته وهو يتحسس يده اليسرى التي باتت تنتهي عند المرفق "رح ترجع تكبر لما أصير سبعة".

كان عمر الناجي الوحيد من غارة إسرائيلية سوّت منزل جديه في غزة بالأرض في ديسمبر كانون الأول 2023 وأنهت حياة والديه وأخته وأقارب آخرين.

جاء عمر برفقة مجموعة صغيرة من العائلات الغزية من القاهرة إلى بيروت لتلقي العلاج الطبي اللازم.

تقول مها أبو كويك عمة عمر لرويترز إنه أصبح الآن يناديها "ماما".

وتحكي "صار بيخاف كتير... بخاف ينام لحتى يحلم أنه فيه حاجة بتخوف أنه فيه حرامي حيجي من الشباك أنه فيه صوت عالي. بدو يانا نضل نضحك ونتحدث ماما إنت ليش مو بحكيلي ماما ليش ساكتة؟ ليش زعلانة؟ اضحكي إيه؟".

وانتشل عمر من تحت الأنقاض بجروح بالغة، وساق مهشمة، وكانت يده اليسرى مبتورة بفعل الانفجار.

وبسبب الدمار الذي تعرضت له مستشفيات غزة، اضطرت مها للاستنجاد بمنظمة الصحة العالمية التي نظمت إجلاء عمر إلى مصر للعلاج الأولي، قبل أن ينقل إلى لبنان.

وجدت مها نفسها أمام خيار مصيري. فتركت أبناءها في غزة لترافق عمر في رحلة علاجه.

تقول "أصعب قرار في حياتي كان أترك أولادي في منطقة حرب. بس عمر ما كان عنده حدا غيري. ما قدرت أتركه".

والآن، يدرس الأطباء في بيروت إمكانية تركيب طرف صناعي لعمر وإجراء عمليات ترميمية قد تعيد له بعض الأمل.

* "أنت بطل"

لا يذكر أمير حجاج (14 عاما) سوى لمحات من الليلة التي تغيرت فيها حياته للأبد.. وميض أحمر، انفجار، ومن ثم صمت قاتل.

قال أمير بصوت خافت "كنت قاعد عادي كدا على كرسي... فجأة حسيت إشي ضو أحمر وانفجر وقلبت على الأرض".

قالت آلاء، أخت أمير الكبرى، إن غارة أصابت منزل العائلة في غزة في أواخر عام 2023. اخترقت الشظايا كتفيه ورجله ويده ونزف لساعات بينما كانت الدبابات الإسرائيلية تقصف الشارع الذي يقطنون فيه أثناء محاولتهم الفرار.

ومضت بالقول "صار يقلنا سيبوني هنا، خلص إنتوا اطلعوا إنجوا إنتوا، أنا بديش أنجى. كيف نسيبك يا أمير؟ لمين نسيبك".

ظل أمير ينزف لساعات على أرض المستشفى المكتظ حين تمكن الأطباء من الكشف عليه، لكن كان قد فات الأوان لإنقاذ أصابع يده اليمنى.

وجرى نقل أمير إلى مصر حيث عملت جمعية إغاثة أطفال فلسطين على ترتيب إجراءات نقله إلى لبنان. وهو ينتظر الآن تلقي علاج فيزيائي وعلاج لأعصاب يده.

وذكرت آلاء "لما بيحاول يخبي إيده بكل صورة، بقول له طل إيدك يا أمير، متخبيش إيدك يا أمير، إنت بطل يا أمير".

وبحسب تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أُصيب أكثر من 45 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب في أكتوبر تشرين الأول 2023، كثير منهم بإصابات غيّرت مجرى حياتهم.

ووفقا للتقرير قُتل أكثر من 18 ألف طفل، من بين إجمالي عدد قتلى الحرب الذي تجاوز 64 ألفا.

بدأت إسرائيل حملتها العسكرية على غزة بعد هجوم شنّته حركة حماس عبر الحدود أسفر عن مقتل 1200 شخص، وفقا لإسرائيل.

وتسيطر إسرائيل على جميع مداخل ومخارج القطاع وتواصل هجومها على مدينة غزة رغم تزايد الضغوط الدولية.

وتعثرت أحدث جهود لإجلاء المدنيين مرارا وتكرارا بسبب الغارات الجوية المتواصلة وتدمير البنية التحتية وتغيّر مسارات الإخلاء.

وصلت ألفت عبد الكريم عبد الله، وهي أم لثلاثة أطفال، إلى لبنان مع ابنتيها المصابتين.. ميس (خمس سنوات) المصابة بثلاثة كسور وتمزق في عصب ساقها، وآية (سبع سنوات) التي فقدت ساقها اليمنى.

في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني 2023، دمر قصف إسرائيلي منزلهن في غزة. وقالت ألفت بصوت يكاد يكون أشبه بالهمس "لم أسمع الانفجار حتى".

وتابعت "كانوا البنات نايمين وأنا كنت نايمة جنبهم كمان مش متذكرة اللي صار، لكن فجأة سمعت صرخة آية. ميس ما صرخت آية اللي صرخت، يعني أنا لا سمعت صوت قذيفة ولا انفجار ولا أي شيء، إيه اللي وعاني إنه فيه إشي؟ إنه آية صرخت وسكتت وميس ما صدر منها أي صوت، لدرجة إنه أنا فكرتها مش متصابة، أصل ما انتبهت إنه هي متصابة، لكن آية هي اللي يعني كانت الضربة القاضية إنه رجلها كانت مفتتة قدامنا".

تتمسك ألفت بالأمل في أن يزول ألم ابنتيها أخيرا. وقال أطباء في المركز الطبي بالجامعة الأمريكية في بيروت وصندوق غسان أبو ستة لرعاية الأطفال إن آية ستحتاج إلى طرف جديد، بينما قد تتمكن ميس من المشي مجددا بالعلاج الفيزيائي وحده.

وقالت والدتهما "إن شاء الله يا رب بكون العلاج هذا كفيل إنه يغير مجرى حياتهم للأحسن، إن شاء الله يا رب".

وقال محمد زيّارة، جراح التجميل المولود في غزة والذي يعمل على الحالات في بيروت، إن خطط العلاج جاهزة وتتقدم كما هو متوقع. ويأمل المنظمون في نقل 30 طفلا آخرين من غزة إلى لبنان لتلقي العلاج.

وقال لرويترز "الأطفال سعداء ومرتاحون.. ونحن نوفر لهم أيضا كل الدعم النفسي اللازم لتعافيهم".


(إعداد رحاب والي وحسن عمار للنشرة العربية -تحرير مروة سلام)

Every question you ask will be answered
Scan the QR code to contact us
whatsapp
Also you can contact us via