مقدمة 4-وفاة الفنان اللبناني زياد الرحباني بعد صراع مع المرض

لإضافة اقتباسات

من ليلى بسام

- خيم الحزن على لبنان برحيل الفنان زياد الرحباني الذي توفي اليوم السبت بعد صراع طويل مع مرض الكبد عن عمر ناهز 69 عاما تاركا جمهوره وأصدقاءه في حالة صدمة كبيرة.

والراحل هو النجل الأكبر للفنانة فيروز والفنان الراحل عاصي الرحباني. وخلف خبر رحيله حالة حزن واسعة في الوسط الفني.

وقالت إدارة مستشفى فؤاد خوري في شارع الحمرا ببيروت "في تمام الساعة التاسعة من صباح اليوم السبت فارق زياد عاصي الرحباني الحياة".

ونال زياد الرحباني إجماعا وطنيا في لبنان من كل الأطياف على اختلاف توجهاتهم السياسية ونعوه بوصفه مبدعا عظيما وأيقونة فنية.

ونعاه وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة معتبرا أن وفاته تشكل خسارة كبيرة. وقال لرويترز "زياد كان جزءا من التجربة الرحبانية التي هي ظاهرة عظيمة في تاريخ الفن والموسيقى في المشرق العربي".

لكنه أضاف "كان (زياد) فريدا ضمن هذه التجربة لأنه تمكن من تجديدها وتمكن من إعطائها أبعادا جديدة وتمكن أيضا من فتح أبوابها لجمهور جديد أكثر شبابا وبالتالي فهو مبدع".

وتابع "أما على المستوى الشخصي فإن تفتح عبقريته (ظهر) باكرا جدا حيث لحن أول أغنية له في سن العاشرة أو الحادية عشرة تجعلنا نقارنه بكبار الموسيقيين لا سيما (بالملحن والمؤلف الموسيقي) موزارت الذي أيضا تفتقت عبقريته في سن العاشرة أو الحادية عشرة".

وأردف قائلا "هناك حزن شخصي لأنني تابعته في الأشهر الأخيرة وحاولت من موقعي كوزير للثقافة أن أسهم بمحاولة علاجه من مرض في الكبد كان يتطلب على الأرجح زرع كبد جديد لكنه كان مترددا في الدخول بمرحلة علاج صعبة وطويلة".

ونعاه الرئيس اللبناني جوزاف عون في تدوينة على منصة إكس قائلا "زياد الرحباني لم يكن مجرد فنان، بل كان حالة فكرية وثقافية متكاملة، وأكثر.. كان ضميرا حيا، وصوتا متمردا على الظلم، ومرآة صادقة للمعذبين والمهمشين، حيث كان يكتب وجع الناس، ويعزف على أوتار الحقيقة، من دون مواربة".

وكتب رئيس الوزراء نواف سلام "بغياب زياد الرحباني، يفقد لبنان فنانا مبدعا استثنائيا وصوتا حرا ظل وفيا لقيم العدالة والكرامة. زياد جسد التزاما عميقا بقضايا الإنسان والوطن".

وأضاف "من على خشبة المسرح، وفي الموسيقى والكلمة، قال زياد ما لم يجرؤ كثيرون على قوله، ولامس آمال اللبنانيين وآلامهم على مدى عقود".

وأصدر رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي نادرا ما ينعي أحد الفنانين، بيانا مرفقا بصورة تجمعه مع الفنان الراحل قال فيه "لبنان من دون ‘زياد‘ اللحن حزين والكلمات مكسورة الخاطر، والستارة السوداء تسدل على فصل رحباني إنساني ثقافي وفني ووطني لا يموت".

وأضاف "أحر التعازي للعظيمة فيروز ولآل الرحباني وكل اللبنانيين برحيل الفنان المبدع زياد الرحباني الذي جسد لبنان الحلو كما أحبه، فنظمه قصيدة وعزفه لحنا وأنشده أغنية.. وداعا زياد".

كما نعاه عدد من الفنانين والمبدعين العرب من بينهم الموسيقار المصري عمر خيرت والكاتب الفلسطيني إبراهيم نصر الله والمطربة اللبنانية ماجدة الرومي.

ولد زياد عام 1956 ونشأ في عائلة فنية كبيرة، وبدأ مشواره في عمر السابعة عشرة لكنه اختار لنفسه طريقا فنيا مستقلا وناقدا، أقرب إلى نبض الشارع وهموم المواطنين اللبنانيين.

تنوعت أعماله بين التأليف الموسيقي والعزف والكتابة المسرحية والتمثيل وتعاون مع عدد كبير من الفنانين من بينهم والدته فيروز التي لحن لها أغنية "سألوني الناس" وهو في سن مبكرة.

شكلت أعماله مع والدته تحولا موسيقيا للمطربة التي قدمت العديد من المسرحيات والأغاني الكلاسيكية، ومن الأغاني التي لحنها زياد (وحدن بيبقوا) و(يا جبل الشيخ) و(عا هدير البوسطة) و(حبيتك تنسيت النوم) و(حبو بعضهن) بالإضافة إلى تلحين المقدمة الموسيقية الشهيرة لمسرحية الأخوين رحباني وفيروز (ميس الريم).

قدم مسرحيات عدة تتحدث عن الانقسام الطائفي اللبناني والحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990 ومنها (سهرية) عام 1973، و(نزل السرور) عام 1974 و(بالنسبة لبكرا شو؟) عام 1978 و(فيلم أمريكي طويل) عام 1980 و(شي فاشل) عام 1983، و(بخصوص الكرامة والشعب العنيد) عام 1993 و(لولا فسحة الأمل) عام 1994.

كما قدم حلقات إذاعية عدة منها (بعدنا طيبين قول الله) للإذاعة اللبنانية عام 1975 مع المخرج اللبناني جان شمعون و(العقل زينة) في حلقات عدة قدمت لإذاعة صوت الشعب اللبنانية.

عرف زياد بمزجه بين الموسيقى الشرقية والجاز والكلاسيك وشارك بصوته في أغان منها (بلا ولا شي بحبك) و(قوم فوت نام) و(أنا مش كافر بس الجوع كافر) وبداية ونهاية أغنية (مربى الدلال ربوكي وتعذبوا فيكي يا دلال) وكان بذلك يشير إلى زوجته السابقة.

تميز زياد بسخريته الضاحكة خصوصا من الوضع السياسي اللبناني.

وفي مقابلة نادرة على قناة المنار التابعة لجماعة حزب الله اللبنانية، سأله المذيع عماد مرمل كيف ترى نفسك في دولة بدون رأس في إشارة إلى عدم انتخاب رئيس للبلاد لفترة طويلة، فرد عليه زياد قائلا "عم ترقص رقص الدولة...لا نلاحظ الفرق نحن اعتدنا على ذلك".

وقال زياد في مقابلة مطولة مع الصحفي جاد غصن في سبتمبر أيلول عام 2019 "ما في غير النظام، فكل همي هلق إنو النظام ما يغيرني".

وقال جاد غصن لرويترز "زياد رحباني بالنسبة لي كان صوت مرارة من وضع البلد وطبيعة نظامه وتركيبته السياسية والاجتماعية والاقتصادية كلها".

وأضاف "برحيل زياد نشعر أن البلد مقسم بين أناس عندها هذه المرارة وترفض التأقلم وبين أناس تتأقلم بفعل الأمر الواقع أو برغبتها. خسر لبنان واحدا من الأصوات الأساسية والناس التي تدفع باتجاه إنه لا يجوز الواحد يتطبع مع الذل والعيشة بلا كرامة في هذا البلد، هذا ما خسرناه".

وقال الكاتب اللبناني غسان شربل "زارك الموت لكن لن يزورك النسيان. عودك رنان" في إشارة إلى إحدى أغانيه الشهيرة التي قدمتها فيروز.

وعبر زياد الرحباني مرارا في مقابلاته عن دعمه للقضية الفلسطينية وقال مؤخرا عن حرب غزة في إحدى المقابلات "الفلسطينيين هني كل يوم واقفين. شي ما بيتصدق، هالصبر ياللي عندهم إياه، ما بيصح إلا الصحيح هذا الأمور لو طولت بتصير، مثل ما صار بفيتنام".

وعبر أيضا في أكثر من مناسبة عن مواقفه الداعمة لحزب الله في قتاله ضد إسرائيل. وكتب ولحن أغنية لفيروز مع عزفه على البيانو "خلصوا الأغاني هني ويغنوا عالجنوب. خلصوا القصايد هني ويصفوا عالجنوب. ولا الشهدا قلو ولا الشهدا زادوا وإذا واقف جنوب واقف بولاده".

وجاء في بيان لحزب الله "لقد جسّد الراحل الكبير، من خلال فنه ومواقفه، نموذجا للفن الهادف في خدمة الوطن والإنسان، ورسم ‏من على مسرحه الصورة الحقيقية للوطن الذي يحلم به كل إنسان، وطن الوحدة والكرامة والعيش ‏المشترك، فأضحى مصدر إلهام لكل الأحرار في الدفاع عن القضايا العادلة".

وحددت عائلة زياد الرحباني يوم الاثنين القادم موعدا للجنازة من كنيسة رقاد السيدة-المحيدثة في بلدة بكفيا بجبل لبنان حيث تقطن والدته.





(شارك في التغطية تيمور أزهري - إعداد سامح الخطيب - تحرير محمد عطية)

Every question you ask will be answered
Scan the QR code to contact us
whatsapp
Also you can contact us via